2019/12/16
حقوق الملكية الفكرية في اليمن.. عرضة للانتهاك في ظل غياب الرادع

في 2002 وبعد مرور ثمانية أعوام على صدور قانون الملكية الفكرية اليمني في 1994، كقانون يحمي الحقوق الفكرية للأشخاص والمؤسسات، شهدت المحاكم قضية مطالبة بالحقوق الفكرية، رفعها أحد الشعراء وزوجته ضد وكالة الأنباء اليمنية سبأ.

 إذ اتهم الشاعر اليمني أبو القصب الشلال وزوجته الوكالة بسرقة حقهما الفكري حينما أصدرت في العام 2000 كتاب يحمل عنوان "اليمن في مائة عام" في مناسبة العيد العاشر للوحدة اليمنية، مؤكدين أنه نسخ عن كتاب ألفها قبل ذلك بستة أعوام وحمل عنوان "قاموس الأحداث اليمنية" يرصد اليمن خلال الفترة (1869-1989)

يقول أبو القصب:"طبعنا كتابنا المكون من 237 صفحة في دمشق على نفقتنا الخاصة، وفيها رصدنا تاريخ اليمن خلال عشرون عاماً".

بدأ التقاضي، وفي المحكمة الأبتدائية صدر حكماً لصالح المؤلفين وذلك بالتعويض المادي بإلزام الوكالة بدفع مبلغ مالي وتعويض معنوي بالاعتذار الرسمي، غير أن الوكالة استأنفت الحكم لتلغيه محكمة الاستئناف.

"اعتبرنا إلغاء الحكم أمر يرتبط بالتوجهات السياسية للوكالة، لذا لجأنا للمحكمة العليا والتي أيدت حكم الأبتدائية، وأعادته للاستئناف لندخل في المماطلة من جديد" يقول الشلال

الحقوق الفكرية للشلال وزوجته واحدة من القضايا التي نظرتها المحاكم اليمنية إلا أن شمس الدين الزين رئيس منظمة الزين للحقوق الفكرية وهي منظمة متخصصة بتسجيل العلامات التجارية لحفظ الحقوق، يرى أن غياب الوعي العام باحترام الحقوق الفكرية للآخرين بخاصة العاملين في المجل الفني والأدبي وعدم تطبيق العقوبات القانونية وحتى أن صدر بها أحكام قضائية بالغرامة والتعويض المعنوي، ساهم في زيادة هذه القضايا.

 

ويقول:"لا توجد لدينا احصائيات بعدد القضايا المنظورة أمام المحاكم لكن من خلال عملنا نلاحظ زيادة الشكاوى الخاصة بالسرقات الفكرية في السنوات الأخيرة".

وينص القانون الخاص بالحقوق الفكرية على أن لا تزيد فترة حبس الشخص الذي اعتدى على الحقوق الفكرية عن ستة أشهر وبتغريمه غرامة مالية لا تقل عن عشرة ألف ريال يمني.

وأن كانت جميع المؤلفات تطبع عليها عبارة  "حقوق الطبع محفوظة " سواء تكون لشخص المؤلف أو لدار الطباعة أو مؤسسة معينة مع وضع العلامة © التي تؤكد على أن جميع الحقوق الفكرية محفوظة ولا يجوز النسخ أو إعادة نسخ أو النشر والتوزيع أو الترجمة  إلا بتصريح من المؤلف، إلا أن ذلك لا يشكل أي نوع للحماية الفكرية لهذه المؤلفات.

كما توجد في وزارة الثقافة اليمنية إدارة تختص بتسجيل وإيداع المصنفات الأدبية والثقافية للحفاظ على الحقوق الفكرية للمؤلفين بحيث يقدم المؤلف نسخ من مؤلفه ليتم تسجيله باسمه ويحصل على وثيقة رسمية بإيداعه المؤلف حتى تكون بمثابة قرينة قانونية تثبت هو من قام بتأليفه والذي يحق له دون غيره الاستئثار به مادياً ومعنوياً، لكن هذا أيضاً لا يشكل حماية للمؤلف أو لحقوق كاتبه.

ويقول الزين أن أبرز الاعتداءات على الحقوق الفكرية هي نسخ المعلومات دون الإشارة الى المصدر وتصوير المؤلفات بالات التصوير في شكل "ملازم".

"يحدث هذا بشكل ملاحظ في الجامعات اليمنية لمراعاة ظروف الطلاب الذين لا يتمكنون من شراءء الكتب لإرتفاع أقمانها لكنها تكون سرقة فكرية طالما ولم يشار للؤلف".

عبد الودود سيف وهو مؤلف يمني أبدى تخوفه من أن تقرصن مؤلفاته، مشيراً إلى أن ما يتم اكتشافه من السرقات الفكرية لا يقارن بما لا يتم اكتشافه.

ويضيف:"رأس المال في أي مجال هي الفكرة والاعتداء على الحقوق الفكرية اعتداء على المستقبل"

وبحسبه فإن الكتب القديمة التي مر عليها مئات السنوات هي الاكثر عرضة للسرقات الفكرية من خلال تجديدها واصدارها بمسميات اخرى ومؤلفين اخرين فيما لايوجد من يدافع عنها.

التقارير والمقالات الصحفية لم يذكرها قانون الحقوق الفكرية، كحق فكري للكاتب، فالقانون يربط الحق الفكري بمن يأتي بفكرة إبداعية لم تكن موجودة من قبل وغير متداولة.

مجلي الصمدي اعلامي يمني يرى أن لا فرق بين من ينهب الآخرين حقهم من الأرض ويتملكها وبين من يعتدي على الافكار وينفذها فذلك يؤثر سلبا على صاحب الحق  نفسيا ومعنوياً.

وفي يناير 2013 اتهم الصمدي قناة السعيدة الفضائية اليمنية غير الحكومية  بسرقة حقه الفكري والأدبي من خلال السطو على فكرة برنامج تلفزيوني قدمها لإدارة القناة اثناء عمله فيها باسم "مسيرة حزب" كان هو صاحب الفكرة والاسم واعد حلقة واحدة للبرنامج، إلا أن القناة بثت البرنامج دون الإشارة إليه كصاحب الفكرة، بعد أن ترك العمل لديها بثلاثة أعوام.

يقول الصمدي أنه أعد تصوراً من خمس صفحات فيه المحاور والتفاصيل عن مضمون البرنامج وقدمه لإدارة القناة في فبراير من العام 2009 أمام عدد من الشهود وهم على استعداد بالحضور للمحكمة للإدلاء بشهادتهم.

ويضيف:"لظروف خاصة تركت العمل بالقناة في حين فكرة البرنامج لم تنفذ لكني فوجئت ببث البرنامج بذات الاسم والفكرة ونفس المعلومات في الحلقات التي كنت قد أعددتها دون الإشارة الى اسمي نهائيا ونسبت كل ذلك لنفسها".

الصمدي لم يذهب الى لوزارة الثقافة لتسجيل حقوقه الفكرية كون فكرته ليست مصنف أو مؤلف أدبي حد قوله

لكن محامي قضيته نجيب الحاج الذي قال ان موكله استكمل خلال شهر يوليو الماضي كافة الوثائق المطلوبه وأنه سيرفع دعوى قضائية ضد قناة السعيده لسرقتها حقوق موكله الفكرية.

ويضيف المحامي الحاج:"ليس من الضرورة ان تسجل الفكرة لدى وزارة الثقافة فالمادة (7) من قانون الحقوق الفكرية تنص على أن  حقوق المؤلف تنشأ منذ لحظة إبداع العمل حتى وان كان في مسودة إذا كانت لها قيمة مبتكره".

مدير عام قناة السعيدة الفضائية مختار القدسي قال ان القناة تحترم ما يأتي به الدستور والقانون وأضاف:"القناة ستقول كلمتها عندما توجه إليها دعوة من المحكمة بشأن هذه القضية".

من جانبه يرى المحامي سمير العالم  أن قانون الملكية الفكرية فيه ثغرات كثيرة، فالقانون لا يواكب التطورات الحديثة.

ويضيف:"ولا تستوعب مواد القانون ما يخص السرقة الفكرية في البرمجيات والتكنولوجيا الحديثة".

في العام 2006 وبعد أن استنفدت كافة الخيارات أمام أبو القصب وزوجته تقدما بشكوى للبرلمان العربي وهو اتحاد البرلمانات في الدول العربية على أمل أن يتم إنصافهما لكن الشكوى لم تجد طريق النور في البرلمان العربي، ليفقد المؤلفين الأمل بإنصافهما.

تم طباعة هذه الخبر من موقع سبأ أونلاين www.saba-online.com - رابط الخبر: http://saba-online.com/news5101.html