
 
	تعيش المليشيا الحوثية اليوم واحدة من اكثر مراحلها حرجا منذ اجتياحها صنعاء و انقلابها على الدولة في اليمن عام 2014. فبعد ان غرقت في تنفيذ اجندة ايران العسكرية والسياسية في المنطقة، وجدت نفسها في مواجهة مباشرة مع واقع جديد يتمثل في سقوط مشروع طهران الاقليمي وتهاوي اذرعها الواحدة تلو الاخرى.
الحوثية التي حاولت خلال الايام الاخيرة التذاكي على الاحداث عبر تصريحات متحدثها المقيم في سلطنة عمان، تزعم فيها حرصها على السلام والبحث عن خارطة طريق جديدة، تتناسى انها هي من افشلت كل المسارات السياسية السابقة ورفضت تنفيذ خارطة الطريق التي قدمتها الامم المتحدة والمجتمع الدولي، وانها من اوقفت التفاهمات وهاجمت المصالح الدولية خدمة لاجندة ايران وتنفيذا لأوامر  الحرس الثوري الايراني.
*مصالح إيران اولاً*
تحاول المليشيا الظهور بمظهر الطرف الباحث عن حلول بينما هي في الواقع من نسف كل فرص السلام منذ بداية الحرب. فقراراتها لا تصدر من صنعاء بل من طهران، وقياداتها السياسية والعسكرية تخضع لاوامر مباشرة من قادة الحرس الثوري الايراني الذين يرون في اليمن جبهة متقدمة في مشروع الهيمنة الايراني على المنطقة.
منذ سنوات، قدمت الجماعة نفسها كذراع مطيعة لايران، تنفذ اوامرها وتقاتل بالوكالة عنها. ولم يكن انخراط الحوثيين في الهجمات على السفن في البحر الاحمر سوى حلقة من حلقات هذا الولاء الاعمى الذي جر على اليمن والمنطقة تبعات امنية واقتصادية خطيرة.
كانت نتائج الارتهان لايران كارثية على الحوثيين انفسهم. فقد فقدت المليشيا عددا كبيرا من قياداتها العسكرية والسياسية خلال الاشهر الاخيرة نتيجة الضربات التي استهدفت مواقعها في صنعاء والحديدة وذمار وصعدة. وتعرضت منشآت حيوية في مناطق سيطرتها للتدمير الكامل مثل مطار صنعاء وميناء الحديدة وعدد من المصانع ومحطات الكهرباء، في وقت تعيش فيه صنعاء ازمة انسانية خانقة وجوعا متزايدا في اوساط السكان.
لكن ما هو اكثر مرارة بالنسبة للحوثيين هو موقف طهران نفسها، التي تخلت عنهم كما تخلت عن باقي اذرعها في المنطقة. ايران التي كانت تصف الحوثيين بانهم جزء من محور المقاومة لم تحرك ساكنا عندما قصفت اسرائيل مواقع لحزب الله في لبنان او مواقع لنظام بشار الاسد في سوريا، بل اكتفت بحماية مصالحها فقط ولم تطالب حتى بوقف الحرب في غزة. وهذا الموقف كشف بوضوح ان طهران لا ترى في حلفائها سوى ادوات قابلة للاستخدام المؤقت.
*بوابة السلام الوحيده*
في المقابل، تظل الحكومة اليمنية الشرعية ممثلة بمجلس القيادة الرئاسي هي البوابة الوحيدة لاي حوار جاد من اجل السلام. فهي الجهة المعترف بها دوليا والممثلة للشعب اليمني. وكل من يسعى فعلا الى وقف الحرب واحلال السلام وانهاء معاناة الشعب اليمني عليه ان يجلس على طاولة هذا المجلس وينفذ متطلبات وكل استحقاقات السلام.
السلام لا يمكن تحقيقه عبر المناورات السياسية او التصريحات الاعلامية، بل من خلال الالتزام الصادق بانهاء الانقلاب وتسليم السلاح وعودة مؤسسات الدولة. اما الحديث عن خرائط طريق مزيفة هي جزء من الوهم الحوثي لا تهدف الا لاضاعة الوقت وكسب الانفاس السياسية فلن يغير من الواقع شيئا.
*تهاوي مشروع ايران*
تشير المعطيات الاقليمية الى ان المشروع الايراني الذي سعى منذ سنوات الى مد نفوذه عبر المليشيات الطائفية في اليمن ولبنان وسوريا والعراق قد دخل مرحلة الانكماش والانهيار. فحزب الله في لبنان اصبح مجرد من كل ادوات القوة ومنبوذا على المستوى المحلي والإقليمي والدولي ونظام بشار الاسد اصبح من الماضي والحوثية تعيش حالة من التخبط والتفكك والضعف بعد تكبدها خسائر عسكرية كبيرة وتتخوف ان يخرج الشعب اليمني لاقتلاعها بعد ان أوغلت فيه بجرائمها وفشلها وفسادها.
هذه الحالة من الانكسار العام تؤكد ان الرهان على ايران اصبح خاسرا، وان من يربط مصيره بمشروع طائفي خارجي لا يمكن ان ينتصر في وطنه. التاريخ القريب يبرهن ان كل من ارتهن في قراره لايران انتهى الى مصير العزلة والانهيار.