الغيوم السوداء اكثر عطاءً من الغيوم البيضاء.

بينما انا اجمع دفاتري , سمِعت جرس الباب يُدق , أسرعت لأعلم من الطارق وامام الباب صرخت وانا أقول " من الطارق " اجابني صوت أجشّ " ابو صُبحي " تحولت علامات وجهي من علامات أستفهام الى علامات غيظ عندما سمعت صوته , فتحت الباب فأذا برجل ذو بُنية ضخمة شديد إسمرار البشرة وحاد الملامح وجبهه عريضة قال لي " أين والدُك ؟!" تركته وانا اقول " سأاستدعيه في الحال" , رحب بهِ ابي كثيراً وادخله المنزل واستمر حديثهما وقتاً طويلاً , قلت لنفسي خلال تلك المُده التي زارنا فيها العم ابو صبحي , ما الذي اتى بهذا الرجل الينا؟ لطالما لم اُطق رؤيته ومن الواضح انهُ رجل شرير ولقد اخبرني اصدقائي في الحاره انهُ رجل غامض وشديد القسوة ولا يُحب الااطفال والكثير من الشاعات تحوم حوله وفي الوقت ذاته استقبال ابي له , لقد اثار استغرابي كيف له ُان يُرحب بشخص كهذا في منزلنا وعزمت على اخبار ابي بِكُل ما يدور في رأسي وبعد ان غادر العم ابو صبحي , اتجهت نحو ابي بملامح ممزوجة بين العجب والغيظ واخبرته بِكُل ما خالج فكري , ابتسم ابي بود وقال لي " سأجيب عن جميع تساؤلاتك ولكن بعد هذه الجولة القصيرة هيا بنا لدينا عمل مُهم " ذهبت معا ابي , ركبنا السيارة وقادنا ابي الى حي فقير للغاية , تهالكت ابنيته الصغيرة وامتلات الشوارع بفتات الابنية وحاويات قُمامه شبه خاوية وتوقفنا امام احد الابنيه والمكون من اربعة طوابق كان هذا البناء هو افضل ابنية الحي فعلى الاقل نوافذة لم تتهالك بعد وجدرانه شبه مهترئه , استقبل ابي رجل كبير في السن ورحب بهِ بشدة تحدثَ قليلاً ومن ثُم دخلنا هذا المبنى , كان المبنى مليئ بالاطفال المُختلفه اعمارهم وكانت تبدؤ على ملامحهم علامات باهِته من قهر الحياة لطفولتهم البريئه لقد أثر فيّ حالهم كثيراً بالاخص عندما علمت بإن جميعهم أيتام , تكلم أبي هو وذاك الرجل قليلاً وسلم له ضرف وشكرهُ الرجل كثيراً ومن ثُم غادرنا المبنى وبينما نَحن في طريق العوده سالني أبي قالاً: ولدي العزيز اخبرني ما لون الغيوم التي ينزل مِنها المطر؟ , اجبته بسرعه لان سؤالهُ لم يحتج اي مجهود فكري " لونها اسود واحيانا رمادي " قال لي وهذهِ هيا إجابة تساؤلاتك , نظرت اليه وعيناي يملؤهما العجب ولكنه سُرعان ما اردف قالاً : أريت المبنى الذي زرناه الان والمُمتلى بالايتام , اتعلم من يكفل جميع أولئك الاطفال ؟ إنهُ ابو صبحي صاحب الصوت الاجش والبُنيه الشديدة , كأن احدهم صب عليا ماء باردة , اختلطت مشاعر الاندهاش والخجل والعجب في آن واحد , وتدارك ابي الامر وقال : لا تتعجب ي ولدي فالغيوم السوداء أكثر عطاءً من الغيوم البيضاء , وينطبق هذا الكلام على الكثير من الاشخاص في حياتنا فالمظاهر ي صغيري لا تعني كُل شيء , وما خُفي كان اعظم , لا تتسرع في إلقاء الاحكام بما تسمع فقط , لا تعلم اي سريره لدى احدهم معا الله تجعله افضل منك وإن كان شكُله لا يوحي بذلك , اتمنى ان تكون قد تعلمت الدرس جيداً ي ولدي العزيز.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص