خلال أكثر من خمسة وأربعين عاماً خاض حزب العمال الكردستاني معارك على جبهات متعددة من أجل إنشاء الدولة الكردية القومية التي لطالما حلم الأكراد بقيامها منذ نهاية الحرب العالمية الأولى 1914-1918م إلا أن هذه المحاولات لم يُكتب لها النجاح.
في هذا المقال سأحاول سرد الوسائل التي اتخذها حزب العمال الكردستاني والهدف الذي سعى لتحقيقه والنتيجة التي توصل إليها ومقارنتها بوسائل وأهداف جماعة الحوثي والنتائج التي توصلت إليها.
أولاً: الوسائل
1. المظلومية: بداية استخدم حزب العمال قضية الأكراد والدفاع عنهم ثم ما لبث أن تحول إلى جماعة مسلحة متمردة، وهي نفس الطريقة التي تسللت بها جماعة الحوثي إلى محافظة صعدة إذ تبنت الدفاع عن الفكر الزيدي ثم ما لبثت أن شكلت جماعة مسلحة متمردة (الشباب المؤمن) وشنت على الدولة اليمنية ست حروب قتل فيها من اليمنيين أكثر من ستون الف مدني وعسكري، واستمر تمردها حتى سيطرت على العاصمة صنعاء بقوة السلاح بانقلابها المشؤوم 21سبتمبر 2014م.
2. الاستفادة من المتغيرات: استفاد حزب العمال من الاحتلال الأمريكي للعراق فأعلن الحكم الذاتي لشمال العراق (إقليم كردستان العراق)واستفاد أكراد سوريا من انشغال النظام السوري والمعارضة بالصراع على السلطة لفرض نفوذهم على الشمال السوري وتشكيل قوات سوريا الديموقراطية (قسد)
في المقابل استفادت جماعة الحوثي من حالة الصراع على السلطة أبان ثورة 2011م فعملت على توسيع نفوذها خارج محافظة صعدة الى الجوف وحجه وغذت حالة الانقسام السياسي بعد التوقيع على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية في تأجيج الخلافات بين المكونات السياسية الأمر الذي مكنها من السيطرة على العاصمة صنعاء بعملية أشبه المسرحية، كما استفادت من مشاركتها في مؤتمر الحوار الوطني الذي جعل من قضية صعدة من أهم القضايا التي تم مناقشتها حيث اوهمت المجتمعين في المؤتمر أنها كيان سياسي تخلى عن فكرة التمرد المسلح وهذا ما اعتقده المجتمعين في المؤتمر إلا أنها فاجأت الجميع باقتحامها عمران ومحاصرة صنعاء بقوة السلاح
3. فرض سلطة أمر واقع: سعى الأكراد إلى فرض سلطته أمر واقع خلال الأوضاع التي مرت بها بلدانهم حيث فرض أكراد العراق الحكم الذاتي لإقليم كردستان العراق، أكراد سوريا أيضاً فرض أمر واقع وتشكيل (قسد) شبيهة بالحكم الذاتي إلى أن تم الإتفاق بين الطرفين ودمج قوات (قسد) ضمن قوات الجيش السوري. جماعة الحوثي أيضا تعمل على فرض نفسها كسلطة أمر واقع بعد احتلالها للعاصمة صنعاء وانقلابها على الشرعية الدستورية.
ثانياً: وجة الاختلاف
يختلف حزب العمال الكردستاني مع جماعة الحوثي في الهدف الذي يسعى كلا منهما إلى تحقيقه فيسعى العمال إلى إنشأ دولة قومية كردية تضم أكراد سوريا والعراق وتركيا وإيران تحت راية قومية واحده ، بينما تسعى جماعة الحوثي إلى تذويب الهوية الوطنية في مشروع خارجي جعل اليمن دولة وشعب وجغرافيا وثقافة ولغة تابع لدولة إيران الشيعية الذي يحكمها الولي الفقيه نيابة عن صاحب الزمان (المهدي المنتظر)
هنا نجد الفرق واسع بين من يسعى لإنشاء وطن قومي ومن يسعى لهدم كيان الدولة والإرث الحضاري والتاريخي والثقافي ليكون تابع لكيان لا تجمعه بهم اي صله.
ثانياً: النتيجة
بعد أكثر من خمس وأربعين عاماً من المحاولات المتكررة أدرك حزب العمال الكردستاني بزعامة عبدالله أوجلان الذي أعلن في يونيو الماضي حل الحزب وتسليم السلاح وقد رأينا صوراً لأعضاء الحزب وهم يحرقون أسلحتهم إعلاناً بإنهاء التمرد المسلح. أما جماعة الحوثي رغم معرفتها المسبقة نبذ المجتمع اليمني لفكرها الضال وأهدافها الغير وطنية وأنها ترسم نهايتها بيدها إلا أنها تكابر وقد قيل
"من خان وطنه خسر نفسه وإن ظنّ أنه ربح غيره".
بين أحلام الأكراد وأوهام الحوثي.. هل يستفيد الحوثي مما حدث؟
2025/07/14 - الساعة 08:19 صباحاً
إضافة تعليق