أحمد علي.. والعقوبات

 

منذ منتصف شهر فبراير انطلقت حملة إعلامية للمطالبة برفع العقوبات عن السفير احمد علي عبدلله صالح لكنها هذه المرة كانت أكثر قوة بمساندة عريضة وقع عليها 46 نائباً من أعضاء مجلس النواب بينهم نواب من حزب الإصلاح عرفوا بخصومتهم الشديدة للرئيس صالح ونجله خلال فترة حكمه.

انطلقت هذا الحملة في الوقت الذي تخوض فيه قوات الجيش الوطني في مأرب معارك شرسة بعد تعزيزها من قوات الساحل الغربي التي يقودها طارق صالح بما قيل أنه أسلحة وقوافل غذائية وهو ما جعل البعض يتحدث عن الابتزاز والمقايضة وهو أمر غير صحيح فقط مجلس الأمن الدولي يعقد جلسته بشأن اليمن في الخامس والعشرين من فبراير من كل عام وفيها يجدد لبعض القرارات ويمدد لبعضها ويضيف أو يلغي بعض القرارات وهنا تكون الفرصة أمام احمد علي عبدلله صالح للضغط على مجلس الأمن سياسياً وإعلامياً لإلغاء العقوبات وما حدث الخميس هو أن مجلس الأمن مدد العقوبات على أحمد علي عبدلله صالح عاماً كاملاً وأضافت لجنة العقوبات القيادي الحوثي سلطان زابن الى قائمة العقوبات الدولية كونه متهم بارتكاب جرائم كبيرة أبرزها إدارة وتعذيب النساء في سجون خاصة وسط صنعاء.

لم يعد الوقت اليوم في صالح القوى المناهضة للمليشيا الحوثية لتختلف فيما بينها كون العدو الأكبر سيلتهم الجميع اذا ما استمروا في خلافاتهم، فالمعارك على أشدها في مأرب وسقوط مارب يعني التهام الساحل الغربي والسيطرة على تعز وشبوة وغيرها وقد سدد النائب شوقي القاضي هدفا مهما في شباك العازفين على الخلاف والاختلاف بين المكونات المناهضة للمليشيا الحوثية حين أعلن أنه وقع وزملائه عريضة تطالب برفع العقوبات الدولية عن احمد علي صالح والسبب بحسب تصريحه "لأننا ـ وأنصار وأتباع صالح ـ أصبحنا شركاء هَمٍّ واحد، وقضية واحدة، وأصبحتْ معركتنا واحدة هي استعادة الدولة وتعزيز وجود مؤسساتها، وحماية سيادتها، والمحافظة على جمهوريتها ووحدة أراضيها وجُزُرِها وموانيها وسواحلها وثرواتها ، وعدونا الاستراتيجي واحد، هو عدو الشعب اليمني مليشيا الحوثي الإرهابية"

يتخوف كثير من خصوم صالح سواء الشباب الذين قادوا احتجاجات فبراير 2011م أو المقربين من الرئيس هادي من أي دور مستقبلي لأحمد علي عبدلله صالح وهو أمر لا يسنده الواقع ولا المنطق بعد أن بعثر الربيع العربي كل مشاريع التوريث في مختلف البلدان العربية إضافة الى حزب المؤتمر الشعبي العام لم يعد حاكماً ويمر بحالة تشظي كما هو حال اليمن تماماً.

حالة الغضب من رفع العقوبات عن احمد علي عبدلله صالح او المطالبة بها غير مبررة كونهُ مُنح الحصانة من أي ملاحقة قانونية ضمن فريق حكم الرئيس صالح وفقا للمبادرة الخليجية التي يستند اليها الرئيس هادي في الحكم حتى اليوم، وهذه الحصانة وقعت عليها القوى السياسية بما فيهم شباب الساحات ووقع على ذلك محمد سالم باسندوه وصخر الوجيه وهم ممثلين عن المجلس الوطني لقوى الثورة وبذلك التمسك بالعقوبات هي محاولة للتمسك بخيط جانبي بعد التخلي عن الحبل، ثم ان العقوبات ليست أحكام في قضايا جنائية متهم بها أحمد علي انما هي فقط حظر من السفر وتجميد حسابات في البنوك.

حتى اليوم لايزال موقف احمد علي عبدلله صالح مما يحدث في اليمن سلبي للغاية على المستوى الوطني أو حتى على مستوى شخصه وعائلته كونه لم يخرج علنا ليتحدث عن قتلة أبيه وهو كما يبدو متأثر بوجهة نظر الدائرة المحيطة به وغالبيتهم سلاليين يرون أن يحتفظ بمكانته لدى مؤتمري الداخل وعدم الانحياز لمؤتمر الشرعية الذي يقوده الرئيس هادي ومن غير المستبعد أنهم من خططوا لإعلان مؤتمر الداخل تعيين احمد علي نائبا ثانياً لرئيس المؤتمر الشعبي العام.

لا يوجد بيان او تصريح يؤكد قبول أحمد علي لمنصب نائب رئيس المؤتمر فيما وسائل الاعلام التابعة لأحمد علي والقيادات المقربه منه لم تقدمه يوما بصفته نائب رئيس المؤتمر ناهيك ان جميع وسائل اعلام المؤتمر المحسوبة على أحمد علي جميعها في حالة حرب وهجوم مستمر لتعرية وكشف جرائم وانتهاكات المليشيا الحوثية.

يبدو أن السفير أحمد علي على العكس تماماً من والده بما يخص الظهور الإعلامي والسياسي حين كان الرئيس الراحل يفتعل الأحداث والمواقف ليكون متصدراً المشهد السياسي واعتقد أن الغاء العقوبات الدولية عنه يرفع عنه الحجة في تحديد موقفه السياسي من قتلة أبيه ومعركة اليمنيين ضد المليشيات الحوثية.

من جانب آخر العقوبات الدولية على أحمد علي عبدلله صالح اقترحها المبعوث السابق للأمم المتحدة جمال بن عمر ويستطيع المبعوث الأممي الحالي مارتن غريفيث أن يطالب برفع هذه العقوبات لكن هذه الخطوة يبدو لا تخدم أجندته ولا المصالح البريطانية ولا رضى الحكومة الشرعية، كما أن المبرر لفرض هذه العقوبات هو اتهام احمد علي بتقويض السلام واستقرار سلطة الرئيس هادي فيما الواقع أن اليمن تجاوزت هذه المبررات لما هو أسوأ بل إن رفع العقوبات عن احمد علي ورقة سياسية يمكن أن تستعين بها الشرعية للتأثير على القاعدة الجماهيرية التي يستند عليها الحوثي والتي كانت تؤيد الرئيس صالح ونجله لما يخدم خلخلة الحوثيين وعدم تثبيت أركان سلطتهم.

مشكلة القوى السياسية التي كانت "معارضة" للمؤتمر قبل أحداث 2011م أنها تبحث تشكيل حزب المؤتمر وفقا لخياراتها ومصالحها وتحاول استبعاد عائلة صالح من المؤتمر وفي تصوري أن عائلة صالح ولاسيما أحمد علي وطارق لاتزال تحظى بجماهيرية كبيرة لدى قواعد المؤتمر الشعبي العام وهؤلاء الجماهير هم من كان ولائهم لشخص علي عبدلله صالح سواء أصاب أو أخطأ والتخلي عنهم يعني تركهم للحوثي وهم حتى اليوم يمثلون القاعدة العريضة التي يستند عليها الحوثي في احتشاده وتظاهراته وتحركاته على مستوى المديريات والعزل والقرى.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص