سلط قرار محكمة هندية بحظر الطلاق البائن الفوري لدى المسلمين، الضوء على هذه الممارسة التي تثير جدلاً في عدد من الدول المسلمة خصوصاً مع قيام بعضها بمنعه بالفعل.
واعتبرت المحكمة الهندية الثلاثاء 22 أغسطس/آب 2017، ممارسة الطلاق البائن الفوري أو كما يعرف بـ"الطلاق بالثلاثة" انتهاكاً للدستور.
ولطالما كانت هذه الممارسة (الطلاق الفوري) مثيرة للجدل حتى في أوساط فقهاء السنة تاريخياً باعتبار أنها ليست الطريقة المثلى لإنهاء الزواج.
والطلاق الفوري أحد أهم أسباب زيادة حالات الطلاق لدى المسلمين.
ويحدث الطلاق البائن عندما يتلفظ الزوج بعبارة "أنت طالق" أو بما يرادفها ثلاث مرات على مدار مدة معينة تقاس غالباً بثلاث دورات طمث شهرية للمرأة.
وتمنع هذه الطريقة المثلى في الطلاق البائن وقوع حالات الطلاق التعسفية.
وبينما تعطي الشريعة الإسلامية الحق للرجل في تطليق زوجته بشكل منفرد، تناقل الفقهاء حديثاً عن نبي الإسلام محمد يحذر فيه من خطورة إنهاء الزواج.
ورُوي عن الرسول حديثاً يقول فيه "ما خلق الله شيئاً على وجه الأرض أحب إليه من العتاق، ولا خلق الله شيئا على وجه الأرض أبغض من الطلاق".
الهند وباكستان
وسعت دول إسلامية عديدة إلى تقييد الطلاق الفوري بدرجات متفاوتة.
وهناك من يتبنى ما يعرف بـ "الطلاق السني" وهو الإجراء الموضح في نصوص القرآن الكريم وأرسته العادات والتقاليد النبوية.
وتحظر الهند وباكستان وبنغلادش وإندونيسيا، وهي أكبر دول مسلمة من حيث عدد السكان، الطلاق الفوري.
ماذا عن مصر والسعودية والأردن؟
وفي أفغانستان، يتطلب القانون المدني أن يكرر لفظ الطلاق ثلاث مرات بين كل مرة والأخرى فترة زمنية، ولكن قد يتم تجاهل ذلك في المناطق الريفية من البلاد.
أيضا في الأردن، لا يعتد بالطلاق البائن الفوري قبل أن يذهب الزوجان إلى المحكمة التي تحاول بدورها حل النزاع في أول الأمر.
أما في مصر، ينص قانون الأحوال الشخصية أن "الطلاق المقترن بعدد لفظاً أو إشارة يقع واحدة"، ما يعني أنه يبقى للزوج مرتين من المرات الثلاث المنصوص عليها في الإسلام لاعتبار الطلاق بائناً والزواج منتهياً.
وفي كانون الثاني/يناير الماضي، دعا الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى إصدار قانون يقضي "بألا يتم الطلاق إلا أمام مأذون" أي حظر الطلاق شفوياً، الأمر الذي عارضته هيئة كبار العلماء بالأزهر في بيان أكدت فيه أن الطلاق شفوياً "مستقر عليه منذ عهد النبي".
ووقعت 192 ألف حالة طلاق مسجلة في مصر في العام 2016، وهو ما يماثل نحو ثلاثة أضعاف حالات الطلاق المسجلة في العام 2006، بحسب الأرقام الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء الحكومي.
ووفقاً للقانون السوري، يخضع أمر إتاحة الطلاق الفوري من عدمه للمذهب الفقهي الذي يتبعه الزوجان بين كبرى مذاهب الفقه السني الأربعة.
وتمنع إندونيسيا الرجال من إنهاء الزيجات بشكل أحادي وتتطلب أن يكون الطلاق من خلال المحكمة.
وفي باكستان، يعطي القانون فرصة 3 أشهر للزوجين بعد وقوع لفظ الطلاق لمحاولة الصلح بينهما.
في نيجيريا، يعد الاعتراف بالطلاق البائن الفوري أحد أسباب كثرة الطلاق في شمالها المسلم.
وفي دول أخرى، بينها السعودية، يسمح بممارسة الطلاق الفوري رغم معارضة المدرسة السلفية، وهي المنهج الفكري المتبع في المملكة.
في القرن الثالث عشر، أثار الفقيه الإسلامي البارز ابن تيمية الغضب بين علماء عصره عندما أصر على أن لفظ عبارة "الطلاق بالثلاثة" يعد مرة طلاق واحدة وليس طلاقاً بائناً لا رجعة فيه.
وكان تمسك ابن تيمية بموقفه سبباً في سجنه في دمشق.
ولكن مع مرور الزمن، تبنت بعض الحكومات وجهة نظر ابن تيمية في محاولة للحد من ارتفاع حالات الطلاق.