بداية العام 2011 احتفلت سحر عبدلله مع عريسها انس كانا أسعد من على الارض والجميع يحتفل بزفافهما وأصبحا زوجين تملا قلبيهما السعادة والحب.
شهور قليله مضت على زواج سحر وانس حتى زفت البشرى بأن سحر حامل، لترتسم لدى انس الفرحة ممتزجه بالشوق لرؤية ولده ليبدأ هو وزوجته في تحضير قائمة من الأسماء لإختيار اسم له.
في الثاني عشر من شهر مارس 2012 اسعفت سحر لأحد مستشفيات العاصمة صنعاء لإحساسها بالام في الرحم تشبه الالم الولادة، وهناك بدأت فصول المأساة حين أدخلت غرفة العمليات وبدأ تخديرها لإجراء عملية قيصريه لاستخراج الجنين.
أخطأ الاطباء التشخيص حين قرروا عملية ولاده قيصرية في حين ان المريضة لم تكن في حالة ولاده ولا تستدعي حالتها اجراء عمليه قيصريه بحسب التقرير الطبي الخاص بالمريضة الصادر من المجلس الطبي المختص بإصدار مثل هذه القرارات، وهو الجهة المعنية بحماية حقوق المرضى وتنظيم ومراقبة عمل مزاولي المهنة الطبية في اليمن ويتبع المجلس مباشرة مجلس الوزراء.
بعد خطأ الاطباء في اتخاذ قرار العملية أضيف الخطأ القاتل لسحر بإعطاء كميه زائده من التخدير قبل العمليه لتتوفى هي وطفلها، بسبب صدمه عصبيه بالام التخدير بحسب ما أقره تقرير الطبيب الشرعي الذي عاين الجثه.
سحر ليست الضحية الاولى لأخطاء الاطباء في اليمن ولن تكون الأخيرة فهناك أكثر من 380 قضية خطأ طبي رفعت للمجلس الطبي منذ العام 2009 الذي فعل في ذلك العام بعد أن كان قرار تنفيذه الصادر في العام 2000 مجمد لخلافات سياسية.
رئيس المجلس الطبي الدكتور فضل حراب قال لا أحد يستطيع انكار حدوث الاخطاء الطبية سواء في المستشفيات الحكومية أو الخاصة والسبب الابرز في حدوث الاخطاء وجود طبيب غير مؤهل وهذا نتاج خريجي كليات الطب والعلوم الصحية التي يجب الاهتمام بطلابها وتاهيلهم.
د.حراب يرى أن المسؤولية في حدوث الخطأ الطبي يتشارك فيها الطبيب المرتكب للخطأ والمؤسسة الصحية التي يعمل بها ووزارة الصحة اضافة الى المريض نفسه فهو يتحمل جزء من المسؤولية.
ويضيف:"ليست القضايا المرفوعة إلينا كل أخطاء الاطباء، ليس كل الناس يرفعون شكوى ضد الاطباء وهم الغالبية ويعتبرون ما حدث قضاء وقدر".
وبحسب د.حراب فان أكثر أخطاء الاطباء انتشاراً هي في التخدير قبل اجراء العمليات وخلال نقل الدم من شخص لاخر.
أنس الذي انتظر فرحته الكبرى بمولوده البكر لم يتقبل أمر وفاة زوجته بخطأ طبي، لجأ إلى نيابة استئناف شمال العاصمة ليرفع دعوى قضائية ضد المستشفى والأطباء المعالجين الذين كانوا سبباً في وفاة زوجته.
غالبية المرضى لا يعرفون لدى من تكون الشكوى بالطبيب في حال اخطأ بحق المريض كون أقسام الشرطة - التي يتوجه لها الناس لتقديم الشكاوى- ليس لها الحق في استدعاء الطبيب بحسب تعميم سابق من وزارة الداخلية وكون المجلس الطبي هو المعني بتلقي الشكاوى بالأطباء.
نيابة استئناف شمال العاصمة أحالت شكوى أنس إلى المجلس الطبي الذي بدأ اجراءاته بتكليف لجنة التحقيقات والمسائلة التابعة للمجلس بالاطلاع على الملف والتحقيق مع الأطباء المعالجين للحالة التي حدث فيها الخطأ الطبي.
د.محمد درهم عضو المكتب التنفيذي الاعلى لنقابة الاطباء يرى أن الخطأ الطبي يحصل مع أي طبيب ولا تحدث الاخطاء في اليمن فقط فدول العالم المتقدمة والتي تمتلك اقوى التقنيات الطبية يحدث فيها أخطاء طبية.
ويشير درهم الى أنه لا يوجد في قاموس الاخطاء الطبية "خطا طبي متعمد" فجميع الاخطاء الطبية غير مقصودة وناتجه عن جهل المختص وعدم وجود الكفاءات وتحدث تحت ظروف طارئه فلو كان مقصود فالطبيب قاتل.
كثير من الأطباء تعرضوا للاعتداءات والتهديد بل أن بعضهم تعرض للقتل كما حدث للدكتور درهم القدسي الذي قتل في مستشفى جامعة العلوم والتكنولوجيا في العام 2009، لاتهامه من قبل أهالي المرضى بانهم ارتكبوا أخطاء طبيه بحق مرضاهم دون الاستناد الى الجهة المخولة بإصدار التقرير الذي يثبت الخطأ الطبي من عدمه.
ويضيف:"هناك دخلاء على المهنة يعملون بدون مؤهلات حقيقيه وهذا يزيد من الأخطاء الطبية وهنا مسؤولية وزارة الصحة".
الطبيب في مستشفى الثوره العام محمد الجرادي يقول ان الخطأ الطبي لا يستبعد حصوله مع اي طبيب وهو نوعان الاول خطأ في التشخيص وينتج عنه خطأ في العلاج، سواء كان العلاج جراحياً او باستخدام الادوية والآخر الخطأ المتعلق بنقص الامكانات وهذه أخطاء لا يتحمل مسؤوليتها الطبيب وحده.
ويضيف:"نجاح العمل الطبي يعتمد على قدرة الطبيب في ممارسة المهنة ووجود التقنيات الحديثة المساعدة اضافة الى الكادر المهني الذي يقوم بعمله على أكمل وجه".
مؤكداً على أهمية التركيز على تدريس مواد "أخلاقيات المهنة الطبية" في الكليات الطبية كون إخلاص الطبيب في عمله أحد أهم ركائز إنجاح العمل الطبي دون اخطاء.
وكان المجلس الطبي خلال في مارس 2013 أصدر قرار بمنع 18 طبيبا أجنبياً من مزاولة المهنة في اليمن نتيجة ارتكابهم أخطاء طبية.
وذكر تقرير المجلس الطبي أن قائمة الاطباء تتضمن أربعة أطباء أوزبكيين وخمسة أطباء مصريين وطبيبين أوكرانيين وطبيب أردني وطبيب باكستاني وطبيب طاجاكستاني وطبيب قرقيزي.
ويؤكد د.حراب أنه حتى اليوم لم تغلق مؤسسه صحيه أو حكومية نتيجة حدوث خطأ طبي، كما لا يوجد أي طبيب في السجن لارتكابه خطأ طبي والسبب في ذلك عدم وجود تشريعات تحدد عقوبات للأخطاء الطبية كون أقصى عقوبة محدده في قانون مزاوله المهنة الطبية هي سحب ترخيص مزاولة المهنة واغلاق العيادة أو المؤسسة الصحية.
ويضيف:"لا بد من وجود قوانين صارمة تجاه من يرتكبون الأخطاء الطبية".
وهو الامر الذي يعارضه د. درهم ويبرر ذلك بأن القانون قد يتسبب في وفاة الكثير من المرضى كون وجود قانون ومحدد العقوبات للأطباء تجعل من الطبيب متخوف من ارتكاب خطا ما ويفضل التخلي عن القيام ببعض المهام.
:"يستوجب العمل الطبي احياناً للمغامرة ولاسيما في الحالات الإسعافية" يقول درهم.
يضم المجلس الطبي عدد من اللجان منها لجنة التحقيق والمسائلة والمكونة من سته من كبار الاطباء ومن جميع التخصصات والتي تحقق مع المشكو بهم وتنزل الى المؤسسة الصحية المعنية للتحري والاطلاع لتصدر تقريرها بتأكيد الخطأ الطبي أو نفيه.
ويضم المجلس لجنة أخرى تسمى لجنة المراجعة وعملها الاطلاع ومراجعة قرارات لجنة التحقيق والمسائلة ولها الحق في المصادقة على التقرير أو طرح الملاحظات التي يجب تنفيذها من قبل لجنة التحقيق والمسائلة.
بناء على الشكوى المقدمة من أنس زوج سحر وشقيقها خالد أصدر المجلس الطبي بعد التحقيق والمسائلة تقريره الذي يثبت وقوع خطأ طبي يتحمل مسؤوليته أربعة من الاطباء المعالجين لحالة سحر.
ويقول د.حراب:"نحن فقط نصدر التقرير طبياً ونرفعه للنيابة المختصة لتتخذ اجراءاتها من جميع النواحي فالمجلس فقط يقول رأيه طبياً".
احصائيات منظمة الصحة العالمية أشارت الى أن الأخطاء المرتبطة بالرعاية الصحية تصيب واحداً من كل 10 مرضى في جميع أنحاء العالم.
وتضيف المنظمة أن هناك نحو 234 مليون عملية جراحية هامة تُجرى كل عام في جميع أنحاء العالم، أي ما يعادل نحو عملية جراحية واحدة لكل 25 شخصاً، وأن هناك ما لا يقلّ عن مليون نسمة مريض من الذين يقضون نحبهم كل عام جرّاء العمليات الجراحية.