أعرب المبعوث الأممي الخاص لليمن، عن قلقه الشديد إزاء النقص الكبير للمشتقات النفطية في مناطق سيطرة الحوثيين، فيما جددت الحكومة اليمنية تأكيدها على تسهيل وصول الوقود عبر ميناء الحديدة، رغم انقلاب المليشيا على الآلية المتفق عليها مع الأمم المتحدة وسحبها الأموال من الحساب الخاص بمرتبات الموظفين.
وقال مبعوث الأمين العام مارتن غريفيث، في بيان يوم الأحد، "إن لنقص الوقود آثاراً كارثية إنسانية واسعة الانتشار على المدنيين. إن الحياة في اليمن قاسية بما يكفي دون إجبار اليمنيين على المزيد من المعاناة من أجل الحصول على احتياجاتهم اليومية الأساسية المرتبطة بالوقود كالماء النظيف والكهرباء والمواصلات".
وتعصف أزمة وقود خانقة، منذ يونيو/حزيران، بسكان صنعاء ومناطق شمال وغرب اليمن، إثر انقلاب سلطة الأمر الواقع هناك، على الاتفاق المبرم مع الحكومة الشرعية ومكتب غريفيث، المنظم لوصول سفن المشتقات للحديدة، وتصرف الجماعة المدعومة من إيران، في الأموال المحصلة من ضرائبها بشكل أحادي.
وأضاف غريفيث "لا بد من ضمان تدفّق المستوردات التجارية الأساسية بما فيها الغذاء والوقود والمستلزمات الطبية وتوزيعها على السكان المدنيين في جميع أنحاء اليمن".
ودعا غريفيث الحكومة اليمنية والحوثيين إلى الانخراط مع مكتبه بشكل عاجل "للوصول لحل يضمن قدرة اليمنيين على الحصول على احتياجاتهم الأساسية من الوقود والمشتقات النفطية واستخدام الإيرادات المرتبطة بذلك في سداد رواتب موظفي القطاع العام".
ولفت المبعوث الأممي إلى جهود مكتبه المتكررة لدعم الطرفين "للتوصل إلى اتفاقات تكفل استمرار التدفق المنتظم للواردات التجارية للوقود إلى اليمن عبر ميناء الحديدة وتخصيص إيراداتها لسداد رواتب موظفي القطاع العام، مشيراً إلى تيسر مكتبه في ستوكهولم .. المحادثات بين الطرفين التي أدت الى توقيع اتفاق الحديدة في كانون الأول/ديسمبر 2018".
وتطرق غريفيث إلى ازمة الوقود في خريف عام 2019، وقد ترتب على جهود الأمم المتحدة في ذلك الحين، اتفاقاً " لتخصيص إيرادات ميناء الحُديدة المحصلة من عائدات الجمارك والوقود وغيرها من السلع، عبر فتح حساب في البنك المركزي بـالحُديدة، لسداد رواتب موظفي الخدمة المدنية في المحافظة وباقي مناطق اليمن".
وذّكر غريفيث في بيانه، بمنح الحكومة اليمنية "تصاريح الدخول لعدد من سفن الوقود إلى الحديدة منذ تعليق الترتيبات المؤقتة (في إشارة إلى سحب الحوثيين من حساب المرتبات)"، وقال "ومع أنَّ تلك خطوة في الاتجاه الصحيح، إلا أن هناك حاجة للمزيد من الإجراءات لتلبية حاجات السكان و لضمان تسهيل وصولهم للوقود".
وأكد غريفيث أنه ومنذ "تعليق الترتيبات المؤقتة" واصل جهوده مع طرفي الصرع ، وسعى "عدة مرات إلى دعوة الطرفين للاجتماع ومناقشة آلية لصرف رواتب موظفي القطاع العام من إيرادات سفن المشتقات النفطية عبر موانئ الحديدة. ومع ذلك".
وختم البيان بالقول "يأسف مكتب المبعوث الخاص، لأنَّ هذا الاجتماع لم يُعقَد بعد. ويجدّد دعوته للأطراف لعقد هذا الاجتماع في أقرب وقت ممكن".
وفي رد سريع على دعوة المبعوث الأممي، أكدت الحكومة اليمنية حرصها على تسهيل وصول المشتقات النفطية عبر ميناء الحديدة على الرغم من قيام مليشيات الحوثي الإنقلابية بخرق الآلية المتفق عليها سابقا مع مكتب مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن.
وقالت في بيان صادر عن وزارة الخارجية نشرته وكالة سبأ الحكومية، "إن الحكومة وعلى الرغم من خروقات الحوثيين ونهبها لهذه العائدات إلا انها عملت على ادخال عدد من السفن عبر ميناء الحديدة مؤخرا لتفادي وقوع أزمة مشتقات نفطية تفاقم معاناة اليمنيين لاسيما خلال الظروف الراهنة على الرغم من استمرار قيام الحوثيين بالسيطرة على الحساب الخاص الذي تودع فيه هذه العائدات".
وأضافت الخارجية، "أن الحكومة تقدمت بتاريخ 26 أغسطس الجاري، بمبادرة جديدة لإستئناف إدخال المشتقات النفطية من ميناء الحديدة وذلك لمنع حدوث أي أزمة جديدة. .. مشيرة إلى أن المبادرة الجديدة تضمنت أن تقوم الحكومة اليمنية بإدخال جميع السفن المتبقية والمستوفية للشروط على أن تودع كافة إيراداتها في حساب خاص جديد لا يخضع للميليشيات الحوثية، أو من خلال آلية محددة تضمن فيها الأمم المتحدة الحفاظ على هذه العائدات بحيث لا يتم التصرف بها إلا بعد الاتفاق على آلية الصرف".
وبحسب المبادرة التي تحدث عنها بيان الخارجية، فإنها تضمنت "عقد اجتماعات مشتركة لمناقشة تعزيز الآلية الخاصة بالمشتقات النفطية واستعادة الأموال التي تم سحبها من الحساب الخاص في فرع البنك المركزي في الحديدة والاتفاق على آلية لصرف العائدات سواء التي تم توريدها خلال الفترة الماضية إلى الحساب الخاص أو الإيرادات التي ستورد خلال المرحلة القادمة من السفن التي سيتم إدخالها واستخدامها جميعا لدفع مرتبات الموظفين وفقا لكشوفات عام ٢٠١٤ وبناء على الآلية التي سيتم الاتفاق عليها ."
وأكدت الخارجية اليمنية، استمرارها "على الانخراط التام مع مكتب المبعوث الاممي تفاديا لحدوث أي أزمات في المشتقات النفطية بسبب استمرار تعنت الحوثيين".
وشدد البيان على "أن هدف الحكومة الأساسي من هذه المبادرة هو منع حدوث اي ازمة في المشتقات النفطية وضمان وصول هذه الإيرادات لمستحقيها من الموظفين المدنيين وعدم تعرضها للمصادرة والاستغلال من قبل المليشيات الحوثية لتمويل حربها العبثية على اليمن واليمنيين".
ولم يصدر عن الحوثيين، أي تعليق على بيان المبعوث الأممي، حتى لحظة نشر هذا التقرير.
ودأبت الجماعة خلال الاسابيع الماضية، على مهاجمة المبعوث الأممي وتحميل الأمم المتحدة مسؤولية نفاذ المشتقات النفطية وما سيترتب عليها من توقف للخدمات خاصة الصحية، تزامن ذلك مع تكثيف هجماتها الصاروخية والطيران المسير على الاراضي السعودية ومحافظة مأرب الغنية بالنفط، واتهام الأخيرين بالتسبب بأزمة المشتقات الأخيرة، وكل ما تشهده البلاد من كوارث وأزمة إنسانية ومجاعة منذ خمس سنوات.