تهامة محافظة حجة : ينهشها ثالوث الفقر والجوع والمرض .. والانقلابيون حولوا مدنها إلى ركام ومزارعها إلى صحراء

نزوح عشرات الآلاف من الأسر إلى المجهول والجوع والمرض يتسبب في وفات العشرات ... غياب للمنظمات الانسانية وتجاهل معاناتهم من قبل سلطة الميليشيات ... النازحون : هل سبق للمبعوث الأممي أن سمع عن معاناة مئآت البشر في الشمال الغربي لليمن ؟!

 

نتذكر توسلات قيادة محافظة حجة والسلطة المحلية فيها للحوثيين بعد سيطرتهم على العاصمة في سبتمبر 2014م بأن يتركوا مدن حرض وعبس وميدي والاماكن الاهلة بالسكان في تهامة ويبعدوا عنها ساحات الحرب التي أصرت قيادات المتمردين الا ان تقود معاركها من وسط السكان المدنيين وتحتمي بهم كعادتها لتتحول تلك المدن والقرى الى ركام واطلال في اقل من عام .

كانت دعوات العقلاء من ابناء المحافظة للميليشيات ان كان ولابد من فتح جبهة للقتال مع المملكة فليكن بعيدا عن المدنيين حتى لا يتعرضوا للتشريد والقتل والدمار ، الا ان تلك الدعوات ووجهت بصلف وتعنت ميليشيا لا تؤمن سوى بالقتل والدمار ، والقضاء على نبض الحياة في اي مساحة يسيطروا عليها..  ذلك ما حققته تلك الميليشيات من جرائم في حق الآلاف من الاسر في مديريات تهامة بمحافظة حجة

التقرير الذي أعده المركز الإعلامي لإقليم تهامة سلط الضوء على اوضاع السكان فيها والمعاناة الانسانية الصعبة التي يعيشها سكانها نتيجة همجية المتمردين وأي حال اوصلتهم اليه هذه الميليشيات دون مراعاة لحقهم في العيش الامن على الاقل ، وكيف حولتهم إلى مشردين ومتسولين للقمة العيش وثالوث الفقر والجوع والمرض ينهش فيهم من كل جانب الى التفاصيل :

الموت ... مصير ينتظر الجميع : بعد ان قذفت بهم اتون الحرب الى المجهول في الشعاب والوديان لم تجد هذه المجاميع البشرية (النازحين) من يسعفها بأبسط مقومات الحياة ، لكن حالها كالمستجير من الرمضاء بالنار ، فروا من مساكنهم خوفا من الموت بالرصاص أو الصواريخ ليستقبلهم الموت جوعاً أو مرضاً أو بالعطش ، وبحسب آخر إحصائية للجهات الرسمية بالمحافظة فقد وصل عدد النازحين أكثر من مائة وخمسين ألف أسرة معظمهم من المديريات التهامية .

يتحدث النازحون في النازلين في عدد من أودية عبس وأسلم وبعض المديريات المجاورة عن مآسي يلقونها كل يوم ، حيث الجوع بكل معانيه فهناك من الأسر من لا تجد لقمة عيش لأيام ، وأخرى تعيش على نصف وجبة وربع وثمن تجود به بعض الأسر من السكان المحليون والتي هي الأخرى تعاني فقراً مدقعاً وحالة إنسانية صعبة .

يحدث هذا في الوقت الذي عملت فيه سلطة الميليشيات منذ الوهلة الأولى لانقلابهم المشؤوم على منع وإغلاق مكاتب المنظمات الانسانية العاملة في المحافظة وكل المحافظات المحلية منها والدولية ، إلى جانب أنها – أي سلطة المتمردين- لم تعط مئآت الآلاف من البشر النازحين أي اهتمام او دعم او رعاية مركزة اهتمامها كله على تمويل حرب بالوكالة لتسبب في قتل الانسان اليمني في ساحات الحرب أو بالنزوح إلى المجهول ، وتكون النهاية الحتمية للجميع هي (الموت) .

ويؤكد عدد من النازحين – فضلوا عدم ذكر أسمائهم - بأن عشرات الأطفال وكبار السن قد توفوا نتيجة الجوع وان معاناتهم تتضاعف يوما بعد اخر بسبب الاهمال والنسيان

. المرض .. معاناة مستمرة : ومن الطبيعي أن ينتشر المرض بين نازحي تهامة الذين يعانون أصلا من نقص حاد إن لم يكن انعدام المواد الغذائية الأساسية ، حيث سجلت مئآت الحالات لسوء التغذية بين الأطفال إلى جانب انتشار العديد من الأوبئة فيما بينهم كالملاريا وغيرها ، كل ذلك تسبب في وفاة العديد منهم ، وسط غياب للسلطات المحلية والمنظمات الإنسانية

إعلان توقف الصحة ... جريمة أخرى : ومما زاد ويزيد من معاناة سكان المحافظة بشكل عام والنازحين على وجه التحديد أعلنت سلطة الحوثيين بعد أشهر قليلة من انقلابها على السلطة توقف الخدمات الصحية في عدد من المحافظات ومنها (حجة) التي تعاني في الأصل منذ العقود الماضية من ضعف هذا القطاع المهم ليأتي إعلان توقف الخدمات الطبية عن مواطنيها عبئاً إضافياً عليهم ... فقد تم تعطيل المستشفيات الريفية والمستوصفات والوحدات الصحية في كافة المديريات تحت مبرر الحرب والحصار ، ويواجه المواطن في المحافظة والنازحين على وجه الخصوص مشكلة أخرى في ظل ظروف بالغة القسوة ، يقول عنها النازحون (أين منظمات الأمم المتحدة مما نعانيه ؟ وأين الصحة العالمية والصليب والأحمر الدوليين من أوضاعهم الصحية السيئة؟) .

إغلاق المنشآت الطبية الخاصة : وبحسب تقرير حقوقي لائتلاف المنظمات الحقوقية بالمحافظة فقد تسبب تعنت المتمردين وإمعانهم في تعطيل حياة ومصالح المواطنين في إغلاق ما يقرب من 60"منشأة طبية خاصة في كل من ميدي وحرض وعبس ، توزعت ما بين مستشفيات ومستوصفات وعيادات ومراكز طبية ومخازن أدوية ، ضاعفت من معاناة المواطنين الباحثين عن دواء لمرضاهم لتستمر المعاناة وسط تجاهل ممن تسببوا فيها .

ويضيف التقرير بأن إغلاق هذه المنشآت تسبب في فقدان ما يقرب من "800" موظف لأعمالهم ووظائفهم لينضموا إلى قائمة البطالة التي تزداد يوماً بعد آخر ، والتي يترتب عليها الفقر والمرض والجوع .

إغلاق المنفذ وتعطيل المصالح : اتخاذ المنطقة ساحة حرب – كما ذكرت سالفا- كان من الطبيعي أن يعمل على إغلاق المنفذ البري الحدودي مع المملكة العربية السعودية ، ما يعني القضاء على الحركة التجارية والمدنية في تهامة وحرض على وجه التحديد ، الأمر الذي ترتب عليه قطع مصدر رزق مئآت الآلاف من المواطنين ليتحولوا إلى متسولين لقمة العيش بعد أن كانت أيادي منتجة .

كما أن تحويل المتمردين الحوثيين للمنفذ لثكنة عسكرية منذ أول وهلة جعله هدفاً لقوات التحالف التي دمرته ومن ثم أغلق بشكل نهائي بعد أن كان سوقاً اقتصادية كبيرة تؤمن مصالح المواطنين والدولة بشكل عام ... مدن تحولت إلى ركام : وفي سياق متصل تحولت المدن الرئيسية في تهامة وما بداخلها من منشآت عامة وخاصة إلى ركام ، وتشير إحصائية شبه رسمية إلى تدمير تعرض (42) فندقاً ولوكندة في حرض للقصف والتدمير ، كما دمرت (70) مطعماً وكافتيريا في عبس وحرض وميدي أدت إلى حرمان ما يزيد عن "1300"عامل لمصدر رزقهم ..

فيما تشير التقارير إلى تعرض (550) محلاً تجارياً ما بين (سوبر ماركت، بقالات، ملابس، الكترونيات) في الثلاث المديريات للقصف والتدمير أفلس على إثرها ملاكها ، وتحولوا مع عمالهم إلى بطالة ومتسولين ... تضاعف الفقر وتلف المزارع : بعد أن تم ملاحقة الميليشيات في المنشآت والقرى والأماكن الآهلة بالسكان في تلك المديريات ، وبعد أن حولوها إلى ركان وشردوا سكانها إلى المجهول ، لم تكتف فلول المتمردين الحوثيين بذلك بل سعت لاتخاذ أساليب أخرى لما تسميه بمواجهة العدوان دمرت ما تبقى لبعض السكان من مصادر دخل من خلال اقتحام المزارع واتخاذها منطلقاً لأعمالهم المسلحة ما جعلها أيضاً هدفاً لقوات التحالف ..

وفي هذا السياق فقد سجلت تقارير أولية لمنظمات حقوقية بالمحافظة عن حجم الأضرار التي لحقت بمزارع المناجو وغيرها في حرض وعبس وميدي تعرض ما يقرب من "160" مزرعة تتبع مواطنين للقصف دمرت ما تحويه من معدات زراعية مختلفة تقدر قيمتها بمآت الملايين إلى جانب إتلاف أشجارها ، ليتحول ملاكها أيضاً إلى متسولين ومشردين .

سوق سوداء برعاية المتمردين : وفي جانب آخر من معاناة السكان في محافظة حجة عموماً ومديريات تهامة خصوصاً ظهور ما يمسى بالسوق السوداء في شتى جوانب الحياة وفي المشتقات النفطية بوجه خاص ، التي تمارس بشكل علني بل وبرعاية من سلطات الميليشيات التي لا يهمها سوى ما يعود عليها من ربح مادي تجنيه من التجار مقابل أن تترك لهم العنان في البيع بالأسعار التي يريدون والكميات التي يرونها ، ما ضاعف من معاناة المواطن المغلوب على أمره .

 

إلى ولد الشيخ .... هل سمعت عن معاناة ابناء الشمال الغربي؟ا ووسط هذه الأمواج المتلاطمة من المآسي لا يجد المواطن ملاذاً أو سلطة يشكوا إليها تعسفات أو غلاء أسعار او ارتفاع الدولار او احتكار سلع أو ضياع حقوق ، حيث يجد المواطن نفسه بين سندان السوق السوداء ومطرقة الميليشيات التي أفرغت مؤسسات الدولة من محتواها وحلت الفوضى والعبثية مكانها .

ويتسائل الموطن في أطراف الشمال الغربي للوطن هل يعلم ممثل الأمين العام للأمم المتحدة بمعاناتهم ؟ وهل فكر يوماً أن يرسل فريقاً للإطلاع على أحوالهم ومعاناتهم ؟ وهل الوضع الإنساني الكارثي الذي يعيشونه من ضمن اهتماماته واهتمامات المنظمة الدولية التي يمثلها ؟ يوجهون ندائهم علها تجد صدى لمن يهمه الأمر فينظر في أوضاعهم عن كثب ، فقد بلغ بهم الأمر حداً لا يطاق ....

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص