مواكب «الشهداء» في صنعاء.. حين يفرض الحوثيون أفراحهم على قتامة الموت

إطلاق الزغاريد من أعلى مباني العاصمة صنعاء، ورش الورود والريحان، وإطلاق الألعاب النارية، والرصاص الحي في الهواء، لم تعد طقوساً محصورة على الأفراح، بل انتقلت إلى مراسم العزاء.

 

فالمناصرون لجماعة الحوثيين ومسلحيها، حوّلوا مراسم الحزن إلى فرح، فبحسب أبجدياتهم فإن قتلاهم الذين يسقطون في حرب منذ عامين هم شهداء، ويُساقون إلى الفردوس الأعلى، مع الحوريات.

 

تتحدث أم محمد لـ«المصدر أونلاين»، عن طقوس مماثلة حدثت في منزلها، وقالت «ابني محمد (15 عاماً) ذهب للقتال في الحدود، وبعد شهرين من غيبه، عاد ميت، فاخبروني جماعة الحوثي بان ابني قد استشهد في الجبهة».

 

وتضيف بأنها كانت مصدومة لوقع الخبر، لكن الحوثيون طلبوا منها البدء في إحياء مراسم «استقبال الشهيد».

 

قالوا لي «احمدي الله بان ابنك قد نال الشهادة، وها نحن نتنمها، ولكن لم تكتب لنا»، وتضيف «كنت أتمنى أن يكون أحدهم بدلاً عن ابني، وفي حال رؤيتي لأبني قمت بإطلاق الزغاريد مع مجموعة من نساء الحي ورش الورد والريحان عليه».

 

كانت أم محمد مكلومة على فقيدها لكنها حاولت أن تظهر للنساء قوتها، كما كانت تدعو الله أن يسكن نجلها الجنة.

 

عقب ذلك، حمل رجال الحي جثة صغيرها الذي ودعته بنظرة أخيرة وحرقة في الفؤاد، بدأ الحوثيون بإطلاق الرصاص الحي والألعاب النارية.

 

في الجوار، كانت مريم الشيبة تعتقد أن فرحاً سيقام في الحي المجاور، وبدأت في التكهن بمن ستكون أميرة يومها من جيرانها، لكنها تفاجأت حينما سمعت إن الجلبة كانت لاستقبال أحد القتلى.

 

تقول مريم لـ«المصدر أونلاين»، يسوقون الموت إلى منازلنا ويريدوننا أن نتقبل ذلك بالفرحة، «شيء عقل يفكروا به هولا المجانين، أم حالتها حالة بتبسر ابنها جثة، ويشتوها ترقص، حتى عواطفنا يا عالم».

 

لكنها أصرت على الذهاب لتقديم العزاء لأم محمد، وتفاجأت هناك في منزل جارتها بأن أحد أبناء الأسرة يفتشهن. «يتم تفتيشنا قبل الدخول للبيت ونحن جيران ومن سكان ذلك الحي».

 

بدأت امرأة من الحوثيين بأداء كلمة وترديد الصرخة، وطلبت من الحاضرات بترديدها، وحثتهن على دفع أولادهن إلي جبهات القتال وأنها شهادة في سبيل الله، وبعد ذلك طلبت منهن بأن يتبرعن بالأموال والذهب للمجاهدين.

 

عند مغادرتهن لمنزل أم محمد، قدمت واحدة من المعزيات التعازي لأم وشقيقة المتوفي، ردت عليها إحدى الحوثيات «لا تقولي لهن عظم الله أجوركن، مشهو ميّت، ومشهي مصيبة، وإنما هي شهادة ولا تكون لأحد إلا لمن اختاره الله واصطفاه».

 

دفع الأمر بالمعزيات إلى المغادرة، ولسان حالهن يقول «عظم الله أجرك يا أم محمد في مصيبتك، والله لا سامح من كان السبب».

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص